في عام 2009، كان الطالب النرويجي كريستوفر كوخ يعمل على رسالة ماجستير في موضوع الشفير وقرأ ورقة ساتوشي ناكاموتو التأسيسية لعملة بيتكوين، ما جعله يرى إمكانات واعدة في هذه التكنولوجيا الجديدة، ودفعه لاستثمار 26.60 دولار لشراء 5,000 بيتكوين. في 2013، قام كوخ بتصريف 1,000 بيتكوين واشترى بيتاً بثمنها، فيما تبلغ قيمة 4,000 بيتكوين الأخرى التي كانت لديه، سواءً أكان يحتفظ بها الآن أم لا، عشرات ملايين الدولارات.
هذه إحدى القصص التي ألهمت الكثيرين ليستثمروا في العملات الرقمية، على أمل تحقيق ثراء سريع عبر حضورهم في السوق في وقت مبكر، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالعملات الرقمية الجديدة التي يؤمنون بأن قيمتها ستنفجر بشكل مماثل لما حصل مع البيتكوين. ولكن هل يمكن للعملات الرقمية فعلاً أن تجعلك ثرياً؟
النقلة الكبرى
إجابة هذا السؤال معقدة بعض الشيء، ولكن إن أعدنا صياغته إلى “هل يمكن للعملات الرقمية أن تجعلك ثرياً كما جعلت المستثمرين المبكرين شديدي الثراء؟”، فإن الإجابة ستكون “غالباً لا”. بالنسبة لأولئك المستثمرين المبكرين، تضاعفت المبالغ التي استثمروها 20 أو 30 أو 100 مرة. بالنسبة لبعض المستثمرين المبكرين جداً، فإن قيمة استثماراتهم تضاعفت حتى 1,000 و10,000 مرة حين قاموا ببيع أصولهم.
أبرز تغير حصل منذ الفترة التي بدأ فيها مليونيرات الكريبتو استثماراتهم هو النقلة التي التي أصابت مكانة العملات الرقمية اقتصادياً. حين أجروا استثماراتهم، كان يُنظر للبيتكوين بازدراء كعملية احتيال، أو كفكرة خيالية يمكنها أن تفشل وتختفي بدون أثر كبير على الاقتصاد العالمي.
ولكن اليوم الوضع مختلف في ظل حضور العديد من المؤسسات المالية والتكنولوجية الكبرى، وحتى الحكومات، في اقتصاد العملات الرقمية. وفيما حقق المليونيرات الأوائل أرباحهم مستفيدين من انتقال العملات الرقمية من كونها خياراً خاصاً بفئة قليلة إلى أصول استثمارية واسعة الانتشار، ما زال من يدخل السوق بعد هذه النقلة قادراً على تحقيق أرباح جيدة، ولكن من المستبعد أن يضيف أصفاراً إلى قيمة استثماراته.
رغم ذلك، ما زالت العملات الرقمية تمثل فرصة استثمارية جذابة لمن لا يمانعون تحمل المخاطرة مقابل احتمال تحقيق أرباح مرتفعة، نظراً لمستوى التقلب المرتفع الذي تتمتع به مقارنة بغيرها من الأصول الاستثمارية التقليدية، مثل الأسهم والعملات الأجنبية والعقارات.
إذاً… كيف يمكنك أن تصبح ثرياً؟
يمكنك بالتأكيد تحقيق دخل من العملات الرقمية، كما هي الحال عند تداول أي نوع من الأصول، ولكن في ظل التقلب الشديد لهذه العملات، يوجد مستوى مخاطرة أعلى مرافق للأرباح المرتفعة الممكنة. بشكل عام، هناك طريقتان للاستفادة مالياً من العملات الرقمية:
- الاستثمار في العملات الرقمية: هناك عدة أساليب لتداول العملات الرقمية، معظمها تندرج ضمن ثلاث فئات رئيسية. الأولى هي الاستثمارات طويلة الأمد، حيث تشتري العملات الرقمية التي ترى أنها ستكون ذات قيمة أكبر في المستقبل البعيد – 3 إلى 5 سنوات – والاحتفاظ بها حتى تصل للقيمة التي تأمل بها. الفئة الثانية هي ما يعرف باسم “التداول المتأرجح”، حيث تشتري عملة رقمية وتنتظر لعدة أيام وأسابيع قبل بيعها لتحقيق بعض الأرباح. وأخيراً هناك ما يعرف باسم “التقشير” (scalping) أو التداول اليومي. في هذه الحال لا تحقق أرباحاً بفضل ازدياد قيمة العملة، بل من حركة الأسعار الطبيعية التي تحصل كل يوم، لتحقيق أرباح صغرى ولكن متواصلة.
- الاستفادة من وظائف العملات الرقمية: حين تم إنشاء العملات الرقمية في البداية، لم يكن الهدف توفير أصول استثمارية، بل نظاماً مالي بديل يستفيد من الطابع العملي للإنترنت وغيره من التقنيات الحديثة، ويمكن للعملات الرقمية وتكنولوجيا البلوك تشين بشكل عام أن تساعدك على توفير الكثير من المال، خصوصاً إن كنت تجري العديد من المعاملات المالية العابرة للحدود، سواءً من أجل أعمالك أو لأغراض شخصية، إذ يمكن لتنفيذ الحوالات الدولية باستخدام تكنولوجيا البلوك تشين أن يوفر عليك الكثير من الوقت والمال. إضافة لذلك، هناك مئات التطبيقات اللامركزية وشبكات البلوك تشين التي تؤدي ذات الوظائف التي توفرها البرمجيات التي تدفع مقابل الحصول عليها، مثل خدمات التخزين السحابية وإدارة سلاسل التوريد وإدارة السجلات، وعادة ما تكون متوفرة مقابل مبالغ أقل مما تدفعه مقابل نظيراتها الخدمات المركزية التقليدية.
للأسف اجتذب قطاع الكريبتو العديد من النصابين والمحتالين، وهؤلاء هم من يعدونك بتحقيق الثراء الفاحش إن استثمرت في مشروع كريبتو ما، ومن الطرق التي يحققون عبرها أرباحهم عادة إنشاء مشاريع عملات رقمية وتشجيع الآخرين على شراء العملة – منهم – قبل توقفهم عن دعم المشروع وترك المستثمرين مع عملات رقمية عديمة القيمة.
تخضع أي عملة رقمية ننوي إدراجها في بت أويسس لعملية مراجعة مشددة للتأكد من توافقها مع شروطنا، وحتى بعد إدراج العملات نجري مراجعة دورية للتأكد من أنها ما زالت مشاريع قيّمة وآمنة. ولكن هذه الحالة لا تنطبق على الكثير من منصات العملات الرقمية الأخرى، ولهذا من الضروري أن تجري أبحاثك الخاصة قبل الاستثمار في أي عملة رقمية، وأن تتبع كافة إجراءات السلامة الضرورية لحماية نفسك من أي مخاطر لا تستطيع تحمل عواقبها، ابتداءً من استثمار المبالغ التي يمكنك تحمل خسارتها فقط.